واظبت عوضية محمود كوكو طوال عقدين على بيع الشاي على قارعة الطريق تحت شمس الخرطوم الحارقة مع حلم بقي يراودها بتحسين أوضاع زميلاتها في العمل وغالبيتهن مثلها ينحدرن من مناطق النزاعات، غير أنها لم تكن تتخيل أن هذا الأمر سيقودها إلى البيت الأبيض الأمريكي.
فبفضل نضالها من أجل تحسين أوضاع النساء الفقيرات بائعات الشاي والأطعمة في الخرطوم، نالت عوضية «جائزة المرأة الشجاعة» من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في واشنطن الشهر الماضي.
وقالت محمود في تصريحات أدلت بها بعد زيارة استمرت عشرة أيام للولايات المتحدة تسلمت خلالها جائزتها «شعرت بفرح عارم عندما تسلمت الجائزة».
وأشاد كيري بجهودها لتطوير الوضع القانوني وتحسين الظروف الاقتصادية للنساء في السودان.
وفور عودتها من الولايات المتحدة، استأنفت عوضية عملها في جمعيتها التعاونية الصغيرة بمنطقة السوق الشعبي بالخرطوم في تقديم المساعدة القانونية للنساء اللاتي يتعرضن للمضايقات من الشرطة ويعانين من الوصمة الاجتماعية في حقهن. وقد ازدانت باحة الجمعية بصورتها مرتدية ثوبا تقليديا خلال تسلمها الجائزة، وهي تأمل في الاستفادة من هذا التكريم لتوسيع شبكة تعاونياتها في سائر أنحاء السودان.
وتعمل آلاف النساء في بيع الشاي والوجبات الخفيفة في شوارع الخرطوم، ويحصلن وهن في كثير من الأحيان من النازحات إلى الخرطوم من مناطق النزاع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق على دخل يومي لا يتعدى خمسين جنيها (ما يعادل أربعة دولارات).
وتعاني العاملات في مثل تلك المهن من الوصمة الاجتماعية، كما يتعرضن في أحيان كثيرة إلى التحرش الجنسي.
ويخشين كذلك شرطة النظام العام التي تصادر معداتهن في حال لم يظهرن بطاقة تفيد أنهن خضعن لفحص يؤكد عدم إصابتهن بأمراض، مما يجبرهن على دفع مئات الجنيهات السودانية.
وفي 1990 ساعدت عوضية في إطلاق جمعية تعاونية بمنطقة الحاج يوسف في الجزء الشرقي من الخرطوم، حيث يقيم مهاجرون من جبال النوبة.
وقدمت الجمعية للمنتسبات إليها في مقابل اشتراكات رمزية مساعدة قانونية في استعادة أوانيهن المصادرة من جانب الشرطة.
بعدها افتتحت الجمعية فروعا إضافية وانضمت إليها مئات النساء وقدمت تدريبا في مهارات أخرى، لكن عوضية ومعها عدد من المديرات أودعن السجن جميعا لأربع سنوات بسبب عجزهن عن تسديد ديون مترتبة بسبب استثمار غير مربح. وعادت إلى عملها في 2010 لتصبح رئيسة لشبكة الجمعيات التي تضم ثمانية آلاف امرأة في الخرطوم.
المصدر : عيون الخليج
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق